الروضة المقصودة في مآثر بني سودة

لأبي الربيع سليمان الحوات الحسني

 

يعتبر كتاب "الروضة المقصودة والحلل الممدودة في مآثر بني سودة" لأبي الربيع سليمان بن محمد بن عبد الله الحوات الحسني العلمي الشفشاوني (ت 1231هـ/1816م) أحد الكتب التي تناولت تاريخ العائلة السودية بالمغرب، حيث يعرف بإسهاب، مؤلف هذا الكتاب، بشيخه أبي عبد الله التاودي ابن سودة المري (ت 1209هـ 11795م) بشكل خاص وعن حياته ومشايخه، وبولده العباس أحمد ابن سودة، وبالأسرة السودية الفاسية بشكل عام.

 

ويرجع الفضل في طباعة ونشر هذا الكتاب إلى الأستاذ أحمد بن سودة، مستشار صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني. وأصل هذا الكتاب، هو موضوع رسالة جامعية نوقشت في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بتاريخ 16/12/1992، نال بها المؤلف الأستاذ عبد العزيز تيلاني دبلوم الدراسات العليا في التاريخ.

 

كتاب غير منشور، وهو من نوادر المخطوطات، يدخل صمن التعريف بالأسر، ألفه أبو الربيع سليمان بن محمد بن عبد الله الحوات الحسني العلمي الشفشاوني (المزداد بفاس يوم الجمعة من رجب عام ستين ومائة وألف والمتوفى بفاس يوم الثلاثاء تاسع عشر صفر 1231هـ/1816م) للتعريف بشيخه أبي عبد الله التاودي ابن سودة المري (ت 1209هـ 1195م) بشكل خاص، والأسرة السودية الفاسية بشكل عام. وتوجد النسخة الخطية الكاملة بالخزانة الأحمدية السودية بمدينة فاس.

 

هذا ويعد هذا الكتاب من أحد أهم الكتب التي تطرقت إلى الحديث عن عائلة بني سودة حيث يعطي صورة حية عن الرغبة في طلب العلم والاكتشاف، والأخذ عن الشيوخ وطلب الإجازة، وعن تنقل التلاميذ من الشرق إلى الغرب، ومن الشمال إلى الجنوب، وذلك رغبة في طلب العلم والمعرفة، رغم صعوبة السفر، وقلة وسائل التنقل، وفي نفس الوقت يقدم تراجم شيوخ وقضاه العائلة السودية. ومن حسن حظ هذا الكتاب.

 

يقول الأستاذ محمد المنوني، أن الأستاذ أحمد بن يحيى ابن سودة، مستشار صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني، تابع عمل تحقيق الكتاب عن كتب، وزود محققه بالمعلومات والمراجع القيمة والكتب الموضوعية القيمة المتوفرة بالخزانات، تم توج هذه البادرة بالقيام بطبع ونشر هذا البحث موضوع رسالة جامعية التي نوقشت بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بتاريخ1216هـ/1992م، نال بها مؤلفها الأستاذ عبد العزيز تيلاني دبلوم الدراسات العليا في التاريخ.

 

فكانت بذلك بداية استقرار الأسرة السودية بهذه المدينة العريقة، حيث يرجع نسبها إلى قبيلة بني مرة العربية القريشية كما هو وارد بالروضة المقصودة والحلل الممدودة في مآثر بني سودة (ص13) حـيث يقـول مؤلفها سيدي سليمـان الحـوات في هـذا الصــدد:

 

بـيـت بنـي سـودة في مـــــرة

أشهــر مـن نـار عـلى عـلــــم

وقــدره مـن فـوقـــه شـرفـــــا

وسـرهـم يبـرئ مـن سـقــــم

لا تــأمــن الأعـداء صـولتـهـــم

فـكـن إليهــم ملقـي السلـــم

كأنهـم فـي العــرب عقبــانـــه

وغيـــرهـم لحـم علـى وضـــم

 

وقد عرف سليمان الحوات في كتابه الروضة المقصودة والحلل الممدودة في مآثر بني سودة، بجملة من علماء البيت السودي الذين تقلدوا المناصب الدينية، من قضاء وفتوى وعدالة وخطابة ونظارة أمثال:

 

-أبو القاسم بن أبي القاسم محمد بن أبي القاسم ابن سودة المري القاضي العدل، وأستاذ الأصول والعقائد، تولى خطة القضاء على عهد السلطان أحمد السعدي بكل من مراكش والرباط، وكانت وفاته في 25شوال 1004هـ/1595م،ودفن بجوار ضريح أبي زيد الهزميري داخل باب الفتوح، بباب الحمراء، يمين روضة أبي مدين السوسي بفاس القرويين.

 

-أبو عبد الله محمد بن أبي القاسم ابن سودة، الفقيه المشارك الذي كان يعرف بأمهر قضاة العدل بفاس، درس مدة طويلة بالزاوية الدلائية، وقد ولاه قضاء فاس أبو عبد الله محمد الحاج الدلائي عام 1057هـ/1647م وكانت وفاته يوم الأحد الخامس والعشرين من ذي القعدة الحرام سنة 1076هـ/1665م، ودفن خارج باب الفتوح بضريح سيدي علي بن حرزهم، بجوار ضريح السلطان المولى رشيد العلوي السجلماسي طيب الله تراه.

 

كان بيت بني سودة بفاس، بيت المجد والسيادة، وقرار العلم ومحل الإفادة، يحق على المنصف الاعتناء بشأنه الرفيع، والتصدي لذكر مناره المنيع، حيث كان بيت ابن سودة بفاس أشهر من نار على علم، فاستعمل في مدحه والثناء عليه القوم والقلم، جمعت ما ذكره في حقهم غير واحد ممن له في الأدب أوفر نصيب.

 

يقول المؤلف سليمان بن محمد بن عبد الله الحوات الحسني العلمي الشفشاوني في كتابه الروضة المقصودة والحلل الممدودة في مآثر بني سودة، ص201، أن لبني سودة شأوا لا يدرك، ومن كان كذلك فتعريف حقيقته بجنسها وفصلها لا بنبعي أن يترك، وكيف ذلك وفي كل عصر جدد الخلف، أركان البيت الذي بناه السلف، على أساس العلم العالي، لإحراز الفضل السبقي والمعي، وترصع ديباجته بأنفس المناصب وتستدل على بابه أردية المتاجر والمكاسب، خصم الله بسكنى أشرف الأمصار، وفي هذه الأعصار وفي تلك الأعصار.

 

فأولا في دمشق الشام وهي كما قيل:

تزيد على مـرة زمـــــــــان طـــلاوة

دمشق التي راقت بحلو المشارب

لها في أقاليم البلاد مشــــــــارف

منزهــــة أقمــارهـــا عــن معـارب

 

فثانيا في غرناطة الأندلس دمشق الشام وهي كما قيل:

غــرناطـــة مالهــــا نظيـــــــــــــــر

أمصر ما الشام ما العـــــــــــــراق

ما هي إلا العروس تجلـــــــــــــى

وتلـك من جملـة الصــــــــــــــداق

 

فثالثا في فاس المغرب وهي كما قيل:

يا فاس منك جميع الحسن مستــرق

وساكنـــتوك ليهنيهم بما رزقـــــوا

هذا نسيمـــــــــــك أم روح لراحتنـــا

وماؤك السلسبيل الصافي أم الأزرق

أرض تخللها الأنهـــار داخلهـــــــــــــا

حتى المجالس والأســـواق والطـرق

 

تعرض مؤلف كتاب الروضة المقصودة والحلل الممدودة في مآثر بني سودة لنسب أسرة بني سودة، العربية العالمة المجيدة، مع التركيز على ترجمة أحد شيوخها، ومشاهير أعلامها، وهو شيخ الجماعة أبو عبد الله محمد التاودي أبن سودة المري الغرناطي الفاسي (ت1209هـ/1795م)، الذي كان شيخ المؤلف وأستاذه.

 

وعن أصل واستقرار الأسرة السودية بفاس، المدينة العريقة، يقول سيدي سليمان الحوات في كتابه أن عائلة بني سودة نزلوا أولا بغرناطة الحمراء من جزيرة الأندلس، بعد أن وردوا عليها من دمشقة الشام، في نحو ألف فارس يترأسها أميرها بلج بشـر القشيري (ت142هـ742/م) حيث حطوا بكورة البيرة، التي غرناطة قاعدتها العظمى بدمشق.

Écrire commentaire

Commentaires: 0